رواية ثلاث صرخات وحدها لاتكفي الفصل الخامس 5 بقلم اسماعيل موسي
منذ ذلك اليوم أصبحت المق1بر منزلها، تختفي بالنهار الفاضح حتى لا يراها احد، تتلصص الشارع الخالي الذي لا تقطعه الا سيارات تحمل البضائع لتلك الفيلا القريبة.
كانت عندما تسمع صراخ جنازة تحمل طفلها وتركض لآخر المق1بر، تكمن أسفل دغل من الأشجار حتى تخفت الجلبة.
أصبحت تدرك ان أقرباء الميت يكونون اول الراحلين بعد دفنه، ما جدوى الانتظار والبكاء الا تقليب المواجع؟
ما عاد القلب يحتمل احزان أخرى، ان الحياه لا تنتهي بمoت احبائنا وكل ذلك الهراء البشري، المبررات التي تدفعنا للاستمرار بحياة تكرهنا حتى نفقد شخص آخر تدور الدائرة حتى نكون نحن أنفسنا ذلك الشخص
لكن تلك المرة كانت مختلفة، بعد أن رحل الجميع ظلت تسمع صوت ينتحب، عويل مرير استمر واستمر اليوم بطوله، تخلت عن حذرها لأول مره، تركت مكانها وتسللت خلف المق1بر حتى لمحت رجل خمسيني يجلس محملق بشاهد قبر محتضن وجهه بكفين ناعمتين، قالت سيرحل الان، عما قريب سيهبط الليل ويتبخر النور لكن بعد أن علت النجوم بالسماء واصبحت بقع مضيئة ظل ذلك الرجل ثابت بمكانه.
لا يشعر بألامك الا شخص عانى مثلك او اكثر منك ومن تراه تعذب بتلك الحياه اكثر منها؟؟
م١ت طفليها، هاربه، مشرده بالثالث ! اقتربت منه وهو لا يكاد يشعر بها اولا يرغب الشعور بها،
كان قد فقد كل شعور بالحياة ولم تعد تمثل له اثاره، وضعت يدها فوق كتفه، البقاء لله، فك يديه ورمقها بأتعس نظرة ممكنه قبل أن يعاود نحيبه مره أخرى، لا يبكي الرجل الا اذا انتهى كل أمل له بالحياة.
أحضرت المفرش الذي كانت تخفيه في الزراعات وفردته بجواره، طلبت منه أن يجلس فوقه، اتكاء بأعياء، ظهره على مقبره تحمل شاهد قبر حديث برخامه تحمل اسم أحمد صبري عبد الحميد وحرمه..
اهات مستعرة خرجت منه تلهب تسيل السماء المتجمدة، لم يكن يتنهد، كان يطلق دفعات من جمر احمر تكوى روحه.
وتسأل وهو ينتحب، ان الحياه التي تجعل الاب الذي انحني ظهره يدفن ابنه ليست رحيمه ابدآ
دقائق ظل على تلك الحالة يكافح ليجد نفسه، تلك الأوقات التي تترنح خلالها ثوابتنا ومبادئنا الآبديه أمام عواصف الحياه ومصائبها.