رواية لهيب الهوى بقلم شيماء الجندي

موقع أيام نيوز


-أنا تعبت ياسيف.. مبقتش عارفة أصدق مين وأكدب مين … انت فاكر إني مش بدور كل ده في دماغي … أنا كل ما بحس إن كل حاجة اتحلت بتتعقد أكتر.. !! أنا محتاجة أرتاح لوحدي شوية ياسيف !!
أوجعه أن يراها هكذا … ركب بجانبها السيارة ثم قال:
-طيب على الأقل خليني أطمن عليكي مش هينفع أسيبك كده في الحالة دي !!
تنهدت بهدوء ثم بدأت القيادة وهي تحاول تشتيت ذهنها من جميع الأفكار التي تكاد تقتلها…

رواية لهيب الهوى الحلقة الرابعة والعشرون

مر أسبوعان وهي تقطن بذلك المكان الأقرب لقلبها، ذلك المرسم الذي اشتراه لها اندهشت في بادئ الأمر من تركه لها هكذا دون أيه ضغوطات، تشعر بالخذلان لتركه هكذا دون أدنى اهتمام
لما رائحته بكل مكان من حولها، لقد وفر لها خادمتين لتكونا تحت إمرتها لكنها قبلتهم على أمل أن تراه.. لقد أغضبها بشدة ذلك الإهمال !! هو إلى الآن لم يبريء نفسه من قتل أبويها…. !! ماذا يظن نفسه ذلك الأحمق !! هل يتركها هكذا، لقد داومت على ذهابها إلى الشركات بالرغم من إعيائها الشديد بتلك الفترة، لكنه أصبح لا يمر أيضا إلى هناك … وذلك المحامي الذي اختفى بسفر مفاجئ … تشعر أن كل شيء مدبر له من حولها، أحيانا تأكلها الظنون … تروادها الأفكار أن تلك الأفعى استطاعت أن تأخذه إليها، فهي تركت لهم القصر بأكمله … لما لا !! لكن هي تثق به … تحاول أن تقنع نفسها أن تلك الأفعى أمامه منذ زمن.. لما تعجبه الآن !! ….

انتابها ذلك الدوار مجددا لتتكيء إلى الوسادات من خلفها ثم رفعت جسدها تفترش الأريكة الصغيرة ممسكة بهاتفها تعبث به بحزن.. لما لم يحاول محادثتها !! هل تركها هين هكذا إليه !! لماذا يحدث لها ذلك !! تأففت بغضب تلقي بالهاتف بعيدا وهي تصيح:
-أحسن أنا أصلا مش عايزة أسمع صوته ده !!! فاكر نفسه مين !!!!! يوم أجازة ومش مكلف نفسه يشوف حتى ولاد أخوه !! بس ولادي ولادي !!!
على الجهة الأخرى ارتفعت ضحكاته حين وجدها على تلك الحالة من أجله.. هو كان يعلم جيدا أنها لن تهرب بعيداا عن ذلك المكان … أخفض ضحكاته حين استمع إلى أخيه يقول:
-انت ليه مش عاوزها تعرف إنك كل يوم هناك !! ليه أصلا مش بتروحلها وهي صاحية !!
اعتدل بكرسيه يضع هاتفه جانبا ليتمكن من رؤيتها وهي تغط بنومها فوق تلك الأريكة ثم تنهد يغرس أصابعه بخصلاته الحريرية قائلا بهدوء:
-رنيم خسرت كل اللي حواليها ياسيف.. تصرفاتها هتبقى متهورة … هي كده بعيدة عن كل المشاكل وعن عمك ومراته والقذرة بنته … وفي نفس الوقت هي كده حاسة إنها حرة وبتدور على حق أهلها.. !!
عقد سيف حاجبيه ثم قال بحزن:
-بس هي فاهمة إنك انت اللي ….. آآآ احم يعني عربيتك كانت هناك بس يعني انك كنت هناك بسبب مكالمه ابوها..!
قاطعه أيهم بهدوء يردد:
-سيف رنيم مش هتستحمل كل التفاصيل دي … لما أخلص من كل القرف ده هقعد معاها وأفهمها … ودلوقت أنا لازم ألبي طلب الأميرة بتاعتي وأشوفها !!
ابتسم “سيف” ثم وقف يقول:
-دلوقت ده حتى لسه الليل مجاش عشان تدخل من وراها … صحيح هي إزاي مش بتحس بيك ؟!
ابتسم بهدوء وقال وهو يعدل ملابسه ملتقطا أغراضه..
-لما تكبر هبقى أقولك !!
ثم انطلق إليها …..

أفاقت على صوت ضحكات الصغيرين بالقرب منها.. ابتسمت وكادت تذهب مرة أخرى بنوم عميق لكن صوته الذي شق أذنيها أدهشها !! هل هو هنااا !!! اعتدلت على الفور ثم نظرت إلى ملابسها التي كانت عباره عن شورت قصير يظهر سيقانها البضة الملفوفة وتيشيرت بحمالات رفيعة كشف عن ذراعيها وبدايه صدرها بسخاء !! ابتلعت رمقها بتوتر ثم اتجهت إلى مكان جلوسهم تنظر إليهم بصمت … كادت أن تستدير وتهرب إلى غرفتها لكنه صاح بصوت مرتفع:
-أيه مش هتسلمي عليا يارنيم !!
تبا له !! تبا إلى صوته الرجولي وضحكاته التي بعثرتها إلى أشلاء الآن !! تبا لها ولفضولها ما بها إن جلست بغرفتها بعيدا إلى أن يزيل شوقه بالطفلين ويذهب … لم تتهور هكذا بأفعالها … حسنا هي اشتاقت وبشدة إليه … لكنه لم يشتاق ولو لمرة … لتضرب كلمته بعقلها … وهل يشتاق إلى الجنون !!!!
عقدت حاجبيها بغضب وهي تستدير لكنه قطع حبل أفكارها حين اقترب منها بتلك الطريقة المهلكة !! حيث همس أمام شفتيها وهو يمسك ذراعيها حتي لا تغادر..
-أنا بقى عااوز !!
لم تستوعب ما يعنيه وظلت تحدق به بأعين متسعة لتتشابك مع رماديتيه بحديث صامت نداء قلبيهما الذي يعجز كلا منهم عن تلبيته لقد اشتاقا وبشدة.. هو لم ير تلك الأعين الصافية منذ أسبوعين لم يرها عن قرب هكذا.. وهي لم تره بأكمله !! هل يكون فراقها لمدة صغيرة بذلك السوء!! … وزعت أنظارها على تفاصيل وجهه الوسيم وجسده العضلي.. منذ مدة لم تره بتلك الملابس الشبابية… ماهذا !! ربُاه هل تزداد وسامته أم ماذا !! ابتلعت رمقها وهي تراه يقترب..و يقترب… برأسه.. هي اشتاقت لتلك الشفتين الماهرتين بفنون العشق لطالما بثها عشقه منهما…
كاد أن يلتهمها تلك الفاتنة التي بات عشقها يسري بعروقه …. بل بشريانه النابض … مايريده الآن قبلة لتهدأ جميع مشاعره الجياشة نحوها … قبلة واحدة من تلك الشفتين النديتين ولن يطالبها بشيء آخر راقب حركة شفتيها وهي تهمس برقة:
-عاوز أيه !!
ها قد بدأ عقله يسيطر على جميع حواسه ناهيا إياه عن ما كاد يفعله … إن فعلها لكانت طالبته بحقيقة مايحدث من حولها … عاد إلى الخلف وهو يسحب من خلفها هاتفه الذي كان على يد الكرسي حتى لا تندهش لقربه … وقال وهو يجلي حنجرته ….
-عاوز قهوة !!
صعقهاااا !!! هل يمازحهااااا!!!! قهوة !!!!!
بالطبع هو محق ماذا تنتظر منه وهو يراها بتلك الحالة الولهة به !!! لقد كادت تصرخ باشتياقها وهو يطلب قهوة !!! استغرق الأمر لحظات لتستوعب أنه يلعب بها ليس إلا ….. دارت على عقبيها تنفذ مطلبه وهي تسبه بجميع ماتعلم وما لا تعلم من ألفاظ …. تشعر كبريائها يتحطم !! كيف له أن يفعل ذلك … أنهت إعداد قهوته وهي شاردة بأفعاله من له حق باتخاذ مواقف !!! من هو ليفعل ذلك هو نسي نفسه !! حسناا !! بدأ الدوار يداهمها الآن … جلست لحظاات ثم وقفت وهي تشعر أنها تتآكل من فعلته … حملت الفنجان واتجهت إليه … وهي تفكر فعليا بسكب محتواه فوقه عله يشعر بنيرانها … لكنها وضعته فوق المنضدة الصغيرة ثم اتجهت من فورها إلى غرفتها تصفع الباب بغضب ليمسك هو الفنجان بحزن مستنشقا رائحته ثم شرع يتلذذ به وهو يداعب الصغيرين حتى غفوا … وهو شارد بحالتهما …
يكاد يُجزم أن تلك ألذ قهوة تذوقها بحياته …. وقف يحمل الصغيرة التي نامت بأحضانه وهو يقبل خصلاتها التي شابهت خصلات أمها برفق متجها بها إلى تلك الغرفة التي صفعت بابها بوجهه.. سيطر على ابتسامته حين شعر بمدى اشتياقها إليه وهو يهمس لنفسه:
-هانت يارنيم … كلها أياام !!!
ثم طرق الباب بهدوء ليصله صوتها تسمح له بالدخول ظنا أنه خادمة !! …
فتح الباب واتجه إلى الداخل عاقدا حاجبيه من صوتها الخافت لكن سرعان ما فهم أنها بالحمام الخاص بالغرفة.. طرق أعلى الباب بهدوء على عكس ما يشعر به الآن …. تردد للحظات لكنه يريد سماع صوتها فقط … وياليته لم يفعل …. حيث قال بصوته الرجولي العميق:
-رنيم أنا همشي !! محتاجة حاجة !!
لتتسع أعينه حين سمع إليها تقول:
-لحظاااااا!!
انقطعت كلماته واستمع إلى صرختها المرتفعة تصم أذنيه، ارتعب وفتح الباب مسرعا وهو يشعر بنبضات قلبه تتصارع … ليجدها فوق الأرضية بتلك الفوطه الصغيره حوله جسدها بالقرب من كابينة الاستحمام فاقدة لوعيها !!!!!!!!!! والدماء من حولها !!إنه أرعب مشهد رآه بحياته !!! حملها مسرعا وانطلق بها إلى سيارته وهو يصيح برئيس الحرس الذي يضعه على مقربة منها دائما…..
– الولاد جوا … لو شعرة منهم اتأذت اعتبر نفسك ميت !!!
أومأ له على الفور وهو يفتح له الباب لينطلق مسرعا بعدها ومن حسن الحظ أن المشفى لم تكن بعيدة عنهما !!!
وقف بالخارج وقلبه يكاد يتوقف أدمعت عيناه ومنظرها لم يغب عن باله !! لتكون سالمة ولن يبعدها عن أحضانه مهما كلفه الأمر !!!
خرج الطبيب وملامح وجهه هادئة يحادثه قائلا:
– الحمدلله الجرح اللي ف راسها كان صغير ومأثرش علي أي وظائف لعقلها … وقدرنا نوقف النزيف ونلحق البيبي !! حمدلله على سلامتها !!
كاد أن ينصرف لكنه أوقفه هامسا..
– بيبي!! هي رنيم حامل !!!

اتسعت أعين الطبيب باندهاش وقال:
-أيوه وأكيد الأم عارفة بده البيبي في شهره التالت !!
لا يعلم ماهية ذلك الشعور داخله.. هل خبأت حملها عنه !! هل أرعبها منه لتلك الدرجة !! لكن لحظة … هي تحمل قطعة منه داخلهاااا الآن !!!!! رباااااه … لما تتعقد الأمور هكذااا !! كيف تتحمل كل تلك الأعباء بمفردها بل وتظنه تاركا لها !! هل نعتها بالجنون لينفذ خطته … وهي تحمل طفله بأحشائها !!!! هل جعلها تقاسي هكذا !! غرس يده بخصلاته غاضبا جاذبا خصلاته إلى الخلف … استغرق استعادته لاتزانه العقلي لحظات … ليدلف إليها وجدها استعادت وعيها تجلس بهدوء وقد جمعت خصلاتها أعلى كتفها وجهها أصابه الشحوب … تبدو حزينة للغاية … اتجه إليها يجلس أعلى الفراش بجانبها لتبتعد قليلا وهي تشيح بنظراتها عنه … واضعة يدها أعلى بطنها !!
حدق بيدها الصغيرة التي وضعتها أعلى بطنها بابتسامة هادئة ثم هبط برأسه يضع قبلة هادئة فوق يدها ثم أبعد يدها قليلا واضعا قبلته أعلى باطنها برفق ….
ارتعش بدنها مقشعرا من فعلته عاجزة عن وصف ذلك الشعور بالأمان !!! معرفته بوجود طفله داخلها جميل لكن سييء بالوقت ذاته … همس بشيء لطفله لم تستطع تبين الكلمات لكنها لا تريد محادثته هي كادت تفقد طفلها من لهفتها الغبية عليه … !!!!
اعتدل مقتربا منها يعدل خصلاتها برفق هامسا لها:
-كنتي هتقوليلي إمتي !!
عقدت حاجبيها وكادت أن تصمت لكن لا !!! غضبت وصاحت به حتى لا يستغل صمتها:
-مكنتش هقولك !! ابني كان هيروح مني بسببك !!
اتسعت أعينه بصد@مة من اتهامها له ليقول مشيرا إلى نفسه:
– أناااااا !!
أغضبها أنه لا يشعر نفسه مذنب لتقول:
-أيوه طبعا أنا دخلت آخد الشاور بسببك …. وانت بمنتهي البرود جاي تقولي أنا ماااشي عاوزة حاجة !!
نطقت بجملتها الأخيرة مقلدة إياه ثم أكملت:
– عصبتني طبعااا وكنت خارجة أتخانق فيكككك بس اتزحلقت وملحقتش !!!
أخفى بسمته من عفويتها وهمس لها وهو يهز رأسه بالإيجاب قائلا بسخرية:
-آه ملحقتيش وبتعوضيها أهوه … عشان مبقاش خليت في نفسك حاجة !!
انفجرت باكية تحت أعينه المندهشة منها للغاية وهي تقول وسط شهقاتها:
– انت بتتريق أنا كنت هموتتتت !!!
اتسعت أعينه مما قالت …!!! ليجذبها إلى أحضانه محاولا تهدئتها وهو يقول مهاودا إياها:
– خلاص خلاص أنا آسف أنا السبب فعلاا !! كان المفروض استنى لما تخرجي !!
أرضتها تلك الكلمات لتهدأ قليلا بالفعل … ها هي داخل أحضانه دون عناء منها.. إن كانت تعلم ذلك لفعلتها منذ البداية.. لكن لحظة هل يسخر منها ما ذنبه هو !! إنه تسرعها لتهمس داخل أحضانه:
-لا انت ملكش ذنب أنا اللي اتسرعت !!!
عادت تبكي مرة أخرى ليندهش …. كيف له بمراضاتها الآن … انتقل من مواجهتها إلى جانبها يدسها داخل أحضانه ويده تسير أعلى خصلاتها برفق والأخرى تحتضن خصرها واضعا يده أعلي باطنها مقبلا رأسها بين الحين والآخر … هامسا لها:
-اللي حصل حصل المهم إنتي أهوه بخير ياحبيبتي !!
غضبت وخرجت من أحضانه تبكي بشدة متحتضنة جسدها تقول:
– ماتاخدنيش على قد عقلي أنا مش مجنونة !!!!

التقت أعينه بلبنيتيها ليقرأ مدى قهرها من تلك الكلمة التي تركت أثرها داخلها … من الواضح أنه خطأ عمره تلك الخيبات التي نتلمسها من أحبائنا لاتترك سوى ندوب … وندوب يصعب محوها !
أخذ جسدها يرتجف ليجذبها مرة أخرى إلى أحضانه يهمس لها بكل الاعتذارات يقول:
– رنيم دموعك دي بتقتلني … أنا مش بنام من ساعة ما قولتلك كده.. أنا آسف صدقيني كل ده غصب عني ….. أنا لازم أعمل كده …. أنا لو شايفك كده !! كنت هتجوزك !! بلاش كنت هكمل في جوازنا ليه !!
تبا لذلك القلب الذي يرقص طربا الآن من حديثه الهين اللين…… تبا لذلك العشق الذي يصفع عقلها الآن آمرا إياها بتصديق كلماته دون جدال !!!
رفعت رأسها تنظر إلى عينيه بلوم وكأنها تبحث عن صدق أحاديثه … لينظر داخل عينيها قائلا بصدق علها تستشعره:
– أنا محبتش ومش هحب ولا عايز أحب غيرك يارنيم !!! أنا مش عايز حاجة من الدنيا غيرك ومعنديش أغلى منك !!! عارف إنك استحملتي كتير بس أوعدك كلها أيام وهفهمك كل حاجة !!! خليكي متأكدة مهما حصل.. إنك أغلى حاجة في حياتي يارنيم !!!! إنتي حياتي كلهاااا !!!!

رواية لهيب الهوى الحلقة الخامسة والعشرون

لهيب الهوى
الفصل الخامس والعشرون “غاليتي ج2 ” 
تأكد من نوم الصغيرين ثم اتجه إليها وهي مستلقية فوق الفراش وقد غفت من أثر الدواء عليها … جلس بهدوء بجانبها يراقبها بصمت تام وقد زينت ثغره تلك البسمة الهادئة … ذلك الشعور بالسلام الذي أصبح يستمده من وجودها المشرق بحياته لا يضاهيه شعور آخر ….
تلك النومة الملائكية التي تمتلكها فاتنته تغنيه عن العالم بأكمله تشعره بكماله … اتسعت ابتسامته حين تذكر تذمرها وغضبها بالمشفى منه … حتي بغضبها امتلك قلبه كيف لها أن تمتلكه هكذا …. تقلباتها المزاجية تروق له للغاية …. تنهد بهدوء وهو يهمس بجانبها مداعبا خصلاتها الحريرية برفق:
– لو كان حصلك حاجة كنت هعمل أيه بس !! وقفتي قلبي !!

أفاقت علي تلك الأشعة الشمسية التي اقتحمت غرفتها لتقلق تلك الأميرة من نومها … فتحت عينيها ثم رمشت عدة لحظات تستوعب أنها ليست بمفردها … لقد ظنت أنه سوف يغادر فور إيصالها لكنه هنا !! بجانبها…. بملابسه.. رباه… لقد غفا وهو بجانبها..
حاولت الاستقامة فجأة لتتأوه بصوت مرتفع حين شعرت بألم بمناطق متفرقة من جسدها … من الواضح أن الارتطام ترك العديد من الكدمات !! وضعت يدها أعلى فمها وكادت أن تحاول مرة أخرى.. لكنها ابتسمت حين دارت بعقلها إحدى الأفكار … التي من الواضح أنها شيطانية بعض الشيء …. صاحت بغضب بعد أن تمكنت من رسم الألم على ملامحها:
-أيهم !!! ايهمممممممم!!!
فتح رمادتيته بقلق ينظر اليها ليعتدل متفقدا إياها بقلق حين وجدها بتلك الهيئة يقول:

– أيه يارنيم مالك !! في أيه !
حدقت به لحظات وإلى هيئته الملهوفة القلقة.. ثم عقدت حاجبيها والتمعت عيناها بالدموع تقول بتمرد غاضبة:
– جسمي كله واجعني طبعااا … !!
اندهش من أسلوبها الهجومي معه وكأنه المتسبب في ألمها لكنه اهتم لوجعها وأجابها:
-طبيعي إنتي مأخدتيش الدوا لسه … !!
أنهى كلماته وهو يتثاءب ثم فرك خصلاته بكسل معتدلا يجلس فوق الفراش وهو يحاول فرد عضلات جسده المتيبسة… كل ذلك تحت نظراتها التي كانت تلتهمه تارة بغضب وتارة بوله شديد … تأففت بغضب تقول بصوت مسموع:
– وهاخده إمتى الدوا !! وبعدين أنا جعانة !!!
عقد حاجبيه لحظات ثم قال وهو ينظر إليها مبتسما:
-الفطار دقايق ويجهز ياروحي … والدوا الممرضة دلوقت هتيجي عشان مايحصلش لخبطة في المواعيد كمان … أي أوامر تاني !!!
عقدت حاجبيها تقول بحزن:
-انت بتتريق عليا!!

رفع أحد حاجبيه يردف بنفاذ صبر:
-عاوزاني أعملك أيه يارنيم.. الممرضه فعلا على وصول مش ذنبها إن حضرتك صحيتي بدري يعني … والفطار الشغالين هيحضروه دلوقت.. !!
أدمعت عيناها من أسلوبه الذي اعتبرته هجومي ساخر منها.. ثم أعطته ظهرها بصمت تام وبدأت دموعها بالهبوط تباعا … شعر بتلك النيران تتأجج بصدره فور أن تحولت حالتها هكذا … ليتنهد بهدوء هاتفا باسمها برفق … وبالطبع لم تجبه !!!!
ابتسم بمكر رافعا أحد حاجبيه ثم بلمح البصر وضع أحد ذراعيه أسفل خصرها والآخر أسفل ركبتيها حاملا إياها ثم استقام بوقفته وهو يستمع إلى صرخاتها الغاضبة المتمردة على فعلته …. متجها بها ناحية الشرفة المطلة على حديقة المرسم.. باعدا إياها قليلا عن أحضانه محتفظا بملامحه الباردة !!!
اتسعت لبنيتاها بهلع ثم بدأت بالركل خوفا من إلقائه لها … بالطبع لقد مل … يريد أن يتخلص منها … لا يريد طفل منها !! كان يغشها بحديثه المعسول ليقتلها الآن صاحت بخوف حين وصل عقلها إلى تلك التحليلات !!
-أيهم آسفة مش هعمل كده تاني !!! بلاش ترمينييي!!!
لحظاات أرعبتها لتجد نفسها فوق تلك الأريكة الصغيرة المميزة بشرفتهم …. أجلسها وضحكاته الرجولية لاتنقطع شردت بتلك البهجة التي ارتسمت على جميع ملامحه متناسية تماما ما كانت تفكر به منذ لحظات أثنى إحدى ركبتيه ليجلس أرضا مقابلا لها …
لم تشعر بيدها وهي تتحرك إلى إحدى وجنتيه تتمتم بخفوت عاشق:
-ضحكتك حلوه أوي … ياريت تبقي كده على طول !!!

أمسك يدها وهو يستعيد أنفاسه ثم وضه قبلة هادئة بباطنها يهمس لها:
– مبقتش كده غير علي إيدك يارنيم !!! إنتي رجعتيلي حياتي.. عشان كده بتضايق لما ثقتك فيا بتروح !!
تنهد ثم أغمض عينيه بحزن يتابع:
-عارفة يارنيم إحنا مشكلتنا أيه !! ثقة !!!
عقدت حاجبيها وكادت أن تعارضه لكنه وضع إصبعه أعلى فمها وتابع بحزن:
-أنا عارف إنك مريتي بظروف صعبة !! محدش يستحملها.. عارف عيلتك كانت عندك أيه !! بس إنتي اللي متعرفيش حاجات كتير يارنيم …. ومش هقدر أشرح دلوقت … خليكي واثقة فيا وأنا أوعدك إني لو مجبتش حقك وحق عيلتك … هختفي من حياتك مش هتشوفيني تاني !!!
تعالت خفقات قلبها برعب حين نطق تلك الكلمات الأخيرة ماذا !!!! لن تراه !!!! عن أي ترهات يتحدث !!! حسنا هي أصبحت ثقتها مهزوزة بعض الشيء لكن ذلك لا يمنع أنها تحبه !! بل تعشقه !!! بل تموت بدونه !!!! نكست رأسها بحزن ثم أجابته:
-هتعاقبني يعني !!
عقد حاجبيه مضيقا عينيه يحاول استيعاب ماقالت … لبجيب باندهاش !
– أعاقبك !!
رفعت لبنيتيها التي أصبحت تموج بالغضب من حديثه ومن تهديده بالترك !! ومن كل الأشياء … نظر داخل عينيها باندهاش من تلك المشاعر التي قرأها بها !!!! لتصيح بوجهه غاضبة من عدم فهمه لها:
– أيوه طبعاا عقاب !! انت لو مكاني كنت هتعمل أكتر من كده ولا ناسي معاملتك ليااا قبل الجواز !!! ورغم إني سألتك

واكدتلي ده !! أنا بمoت كل يوم من ساعة ماعرفت مش قادرة أصدق إن انت تعمل كده !!! مش قادرة أبعد عنك !!! لكن انت سهل تبعد وسهل تسيبني بالأيام ومتشوفنيش …. وجاي تكلمني عن الثقة !!!! وكمان تقولي هختفي من حياتك !!! اتفضل اختفي انت حر أنا مش عايزاااك !!!!
وقفت من جلستها ثم مرت من جانبه واتجهت إلى الداخل وهو يكاد يجزم أنها على وشك قتله !!! هل تلك الصغيرة تحمل بداخلها تلك الشحنات الغاضبة تجاهه.. !! وقف باستقامة ثم رفع هاتفه مجيبا على المتصل مرددا بهدوء !!
-حلو أوي ابعتلي بقى الفيديو !!!
أغلق هاتفه يبتسم بهدوء:

-أوعدك كل ده هيخلص بكره يارنيم !!! أوعدك هتغيري كل تفكيرك !!!
-***-
جلست تلك الشمطاء المسماة بممرضة لكنها لم تكن سوى فتاة شديدة الجمال ترتدي تنورة قصيرة وقميص ضيق قصير للغاية.. كل ذلك لا يهمها … المهم أن تلك الساقطة لم تبعد عينيها عنه !!! هو جالس بجانبها ينهي أعماله على حاسوبه الشخصي … يرتدي أحد التيشرتات القطنية التي رسمت عضلات جزعه العلوي المنحوت ببراعة وتلك الحية تحاول إبراز وجودها بإلقاء تعليمات طبيه عليها وهي تغير على جرحها.. لن تقدر على تحمل أكثر من ذلك قاطعت سيل نظرات الإعجاب وهي تصيح بالفتاة:
-حاااسبي … إيدك تقيلة… !!!!
ثم نفضت يدها عنها تزجرها بنظراتها الحامية!!! لترى الفتاه ذلك اللهيب المتصاعد من عينيها..فابتلعت رمقها تنظر إليها بتوتر وقالت:
– آاسفة يا آنسة !!
– آنسة!!!! لا أنا مدام !!! جوزي قدامك أهوه !!!!
قالت كلماتها وهي تلقيها بنظراتها التحذيرية الغاضبة … لتشعر الفتاة بالقلق من كلماتها !!! ونظراتها التي كادت تحرقهاااا !!! وقفت باستقامة تبتعد عنها وهي تلملم أشيائها أسفل نظراتها الحارقة ونظراته المتسلية …
نظرت الفتاة تجاهه لتجد ابتسامة يحاول مواراتها لتظن أنها من أجلها فاقتربت منه بخيلاء … وقالت بميوعة زائدة !!
– أنا كده خلصت النهارده !! هاجي بكره تاني أكيد … آآ !!
– لا مفيش داعي تشرفينا تاني !!!
كانت تلك الكلمات مندفعة بالطبع منها بعد أن شعرت بالعجز لولا مرضها لوقفت الآن تجذبها من خصلاتها وتلقيها خارجا …..
رفعت الفتاة أحد حاجبيها بتحدي ثم نظرت إلى “أيهم” مرة أخرى تقول بتساؤل زائف …
– في نفس المعاد مش كده !!
اتسعت أعين “رنيم” وكادت أن تنهرها لتجاهلها إياها وبالفعل اعتدلت … ليقف “أيهم” بعد أن طال صمته وقال بصوت حاد قاطع:
-أظن المدام قالت مفيش داعي ولا أيه هتغيريلها عليه بالعافية !!
اتسعت أعين الفتاة من أسلوبه وحاولت أن تعدل الموقف فهو منذ قليل كان يبتسم لهاا كما تظن !!!! لتهمس برقة:

– لا طبعا بس إحنا متعودين المرضى بيبقوا متضاآآ!!
قاطعها رافعا يده بوجهها وقد أصبحت ملامحه جادة غاضبه لتتوتر على الفور من هيئته التي بدت مرعبة … نظرت “رنيم” إليه بقلق هي اختبرت تلك النظرات من قبل … اختبرت همجيته وغضبه الشرس ذلك … لتتنفس الصعداء حين سمعته يقول بعد أن أغلق عينيه جازا على أسنانه بغضب ….
-تاخدي بعضك وتطلعي من هنا فورا وتنسي إنك جيتي هنا !! ولا نضايفك هنا لحد بكره بمعرفتنا !!!
فهمت علة الفور مغزى كلماته !!! واندفعت إلى الخارج دون أن تنبس بحرف آخر وهي تكاد تجزم أن ذلك الرجل يمتلك هيبة بمجرد كلمات نطقهاا !!!
نظرت إليها “رنيم” وهي تبتسم بانتصار تراقبها وهي تتجه إلى الخارج برعب.. ثم محت ابتسامتها حين اتجه إليها يجلس بجانبها يهمس أمام شفتيها بمكر:
– طردتها عشان وجعتك ياروحي !!!
لم تلاحظ ذلك المكر لتنطق بعفوية:
– وجعتني أيه !!! انت مشوفتش بصتلك إزاي !!!

الآن فقط قرأت نظرات التسلية تلك وهو يهمس لها بابتسامة متسعة !!
– بصت إزاي !!
أزاحت يده عنها بغضب تصيح به وهي تعقد حاجبيها تلقيه بسهام غضبها:
– أيهم ماتحاولش تضايقني في النقطة دي بالذااات !!! انت مشوفتش غيرتي شكلهاااا أيه لحد دلوقت !!!!
اقترب أكثر من تلك الكريزتين ثم فاجأها بشفتيه التي التهمت شفتيها بنهم انتفض جسدها مرتعشا حين لامسها بشفتيه هي كانت تشتاق إلى ذلك الشعور … تشتاق إليه لكن كبريائها وقف حائل بينهما، أحاط خصرها بقوة ويده الأخرى خلف رأسها يقربها منه … وقد شعر بانقطاع أنفاسها بعد أن التهمها لدقائق … يريد المزيد !!
يريد أن يحظى بلحظات معها كالسابق …. يريد أن يحظى بذلك الجسد وتلك الكريزتين تهمس له بعشقها الخالص التي كانت تبثه له بخجل …!! وآه من خجلها !!! وتورد تلك الوجنتين بحمرة الخجل !!! طال صمته معها وطال تأمله لملامحها عن كثب … التقطت أنفاسها بصعوبة وهي تشيح بنظراتها عنه تزيح خصلاتها بأصابع متوترة تنظر إلى الأرض وقد أصبحت وجنتيها بحالة اشتعال كاملة وكأنها أولى لمساته لها !!! ابتسم لذلك الشعور الذي تمنحه إياه بلا أدنى مجهود منها !!! ليهمس لها مقاطعا صمتها الخجول قائلا:
– اممم يعني لسه بتحبيني وبتغيري عليا وعايزاني !!!!!
رفعت لبنيتيها تلقيه بنظرات شرسة لتقول بغضب :

-لا طبعا !!!
ثم عقدت ذراعيها أسفل صدرها تنظر بالاتجاه البعيد عنه كالأطفال تماما !!!!! كيف لتلك الطفلة أن تمتلك روح أخري داخل احشائها !!! كيف لها أن تنجب لمرتها الثانية !! وعلى ذكر الإنجاب وضع يده أعلى بطنها مبتسما بشرود … عضت على شفتيها حين لامس باطنها بلطف … يعجبها ذلك الشعور … يشعرها بالغبطة شغفه بها وبقطعة صغيرة لم تولد بعد !!! لم تشعر بتلك الابتسامة التي ارتسمت علي شفتيها برفق من شروده ذلك …. استمعا فقط لأصوات تنفسهما الهادئ …..
نظر إليها بأعين متسعة وهو يقول:

– الفطار !!! دقايق ويجهز !!!
عقدت حاجبيها تقول:
– انت رايح فين !! هو مفيش حد يحضره !!!
صاح وهو يدخل إلى الداخل:
– لا مشيتهم !!!
ليعود إليها وهي تنظر إليه ببلاهة لتقول متذمرة:
– تمشيهم ليه في وقت زي ده مين هيعمل الفطار دلوقت !!!

باغتها بحملها وقال لها بابتسامة ساخرة:

– أنا وإنتي ياروحي !!!

تم نسخ الرابط