امرأة لا تخشى الوداع بقلم الكاتبة مــروة أحمـــد
فــي هــذه اللحظــة عليهــا أن تغــادر.
ثــارت أشــجار البرتقــال والمــوز مــن أجــل شــجرة
العنــب ولكــن شــجرة العنــب أبــت أن تجعــل
الصــراع يــدب فــي الحديقــة وأعلنــت موافقتهــا
علــى المغــادرة.
لــم تهــدأ الحديقــة مــع هــذا القــرار وهــذا مــا دعــى
شــجر اليقطيــن لعقــد هــذا االجتمــاع الطــارئ فقــد
قــررت كل شــجرات العنــب والمــوز والبرتقــال أن
تغــادر مــع شــجرتهم الصديقــة ممــا جعــل اليقطيــن
يقــف وحيــدا فــي الحديقــة الخاليــة.
صديقتــي،بعــد خروجــك مــن العاصفــة،ممزقــة
المشــاعر منتفخــة العيــون،شــاحبة الوجــه مــن األرق
الــذي الزمــك طويــا،بعــد مــرورك بذلــك كلــه ً
بمفــردك وخروجــك منــه بمفــردك أيضــا،تكتشــفين
أن الجلــوس مــع نفســك والحديــث إليهــا لــم يكــن
مرعبــا بالقــدر الــذي تخيلتيــه،بالعكــس كان مفيــدا
لحــد كبيــر،للحــد الــذي جعلــك تقفيــن علــى
قدميــك مجــددا،لــن تحتــاج بعــد هــذه التجربــة إلى
مــن العاصفــة،علــى األقــل العاصفــة التاليــة أو قــد
تحتاجيــن أشــخاصا مــن نــوع آخــر.النــوع الداعــم
كاألصدقــاء الحقيقيــن،الذىــن هزمــوا العاصفــة
بداخلــك وانتصــرت بهــم علــى جــرح الكبريــاء،أمــا
أولئــك مدعــون الفــرح المتقربــون لــك ويريدونــك
دومــا فــي أزهــى أحوالــك هاربيــن منــك اذا مــررت
ببــؤس أو ألــم فاجعليهــم مــكان مــا أرادو ســتجدينهم
متواجديــن فــي بهجتــك دون دعوة منك،ســتجدينهم
وتعرفينهــم دون جهــد يذكــر،دعيهــم لمــا اختــاروا
إلطفــاء -ولــو -شــمعة واحــدة بداخلــك.
العودة
وىف لحظــة مــا تكــون أقــرب إلــى هــذا العالــم البعيد
مــن قربــك إلــى مــا ظننــت لعمــر كامــل انــك تنتمــي
إ ليه .
أدركــت معنــى أن يفصلــك بيــن هــذا وذاك خطــوة
واحــدة،أدركــت وشــعرت كيــف يختــار النــاس
الذهــاب إلــى هنــاك بــكل أريحيــة وبســاطه وقــد
كنــت منهــم واختــرت أن اعبــر هــذه الخطــوة الباقيــة
منعني قرار أحدهم لي بالبقاء.
نعــم فــي تلــك اللحظــة يتغيــر القــدر وتعــود قبــل أن
يأخــذك المــدى كليــا بقــرار صــادق مــن احدهــم.
وال أعلــم إلــى اآلن كيــف حــدث ذلــك ولكــن
ابنتــي اســتطاعت أن توقفنــي عــن الذهــاب وهــى
ذات األربعــة عشــر ربيعــا.واآلن بعــد العــودة.
أشــعر أن الحيــاة منحتنــي يومــا أخــر جديــدا وان اهلل
وهبنــي أنفاســي مــن جديــد.
فأدركــت أن وجــودك علــى قيــد الحيــاة ليــس باألمــر
الهيــن وال التافــه بــل إنهــا منظومــة ضخمــة يقــوم
بهــا الجســم حتــى يحافــظ علــى بقائــك فــي هــذا
العالــم يومــا بعــد يــوم ولقــد حالفنــي الحــظ وعــدت
ألكتــب عــن تلــك األمســية التــي كنــت اقضيهــا
بيــن مكانيــن قريبيــن لــم أكــن أعلــم إلــى األمــس
أنهمــا بهــذا التقــارب.