رواية مزيج العشق (الفصول كاملة) بقلم نورهان محسن
صرخت عليهم نادين بغضب حاد: انت يا شاطر منك له العبو بعيد لا اخلي امن النادي يطلعو برا
خاف الأطفال من صراخها المرعب وهربوا من المكان، بينما كانت ميرنا تراقب ما يحدث، وهي تضحك على طريقة صديقتها المخيفة مع الأطفال.
عقدت نادين حاجبيها وقالت: حاجة ايه!!
ميرنا بتساءل: انتي ليه كنتي مستعجلة في اول جوازك علي الخلفة وانتي اساسا مابتحبيش الاطفال ؟
ثم أردفت بحنق: دي كانت فكرة بابا منه لله بقي قبل ما يموت ملي دماغي.. خلفي منه وهاتيلو وريث عشان تضمني انك تعيشي في العز عمرك كله
أومأت نادين وقد تجعد وجهها بعبوس، قائلة بإستياء: بالظبط كدا فتحت علي نفسي فتحة سوده.. كان بقالنا 10 شهور متجوزين ومفيش حمل.. فضلت ازن ازن علي دماغ ادهم عشان نكشف وانتي عارفه الباقي وبقت اكذب كذبة ورا كذبة عشان اداري علي الكذبة الكبيرة
نادين بلهفة: الحقيني به
ميرنا بغموض: تخلصي من مراته دي تماما
بعد مرور اسبوع
داخل مكتب كارمن، الذي كان في الماضي مكتب عمر المدير التنفيذي السابق، لكن يبدو مختلف تمامًا بعد التجديدات التي طرأت عليه.
أغمضت عينيها وأعادت رأسها إلى المقعد المريح، منهكة من كثرة التدقيق في الأوراق أمامها، ثم شردت في أفكارها بعيدا.
ماذا عليها أن تفعل؟
يجب أن تتحمل، لأنها تريد أن تثبت جدارتها حتى يعلم أدهم مدى التزامها وجديتها في العمل.
تنهدت بعمق علي ذكر أدهم الذي تفتقده بشدة، لكنها حزينة في أعماقها رغم أنها لا تظهر ذلك، لكن عدة مشاعر تأتي إليها، وتزعج نومها في الليل حزينة لأنه بعيد عنها.
بعد أن تعودت على وجوده بجانبها، تفتقد مشاكسته معها، وجديته، ومداعبته، وقربه الذي يجعل قلبها يخفق مثل الطبول.
تعترف بأنها تشتاق لكل شئ يخصه، وما يحزنها كثيرا هو بروده في الحديث معها عندما يتصل بها، فهو لا يتحدث في الهاتف لأكثر من دقيقتين، ولا يتحدث معها إلا عن أمور العمل وعن أحوال ملك.
لتنتهي المكالمة خالية من أي عواطف، رغم أنها ترغب في التعبير عن شوقها إليه، لكنها عندما تتلقى هذا الجفاء غير المبرر منه تصمت حفاظًا على كرامتها.
أطلقت تنهيدة عميقة، وهي تفتح عينيها محاولة إخراج كل هذه الأفكار من عقلها حتى تتمكن من التركيز فقط على العمل.
بعد بضع دقائق رن الهاتف اللاسلكي بجانبها حيث كانت السكرتارية تتصل بها، وأجابت بجدية: ايوه يا مها
تحدث مها بنبرة عملية مهذبة: استاذة كارمن الفريق في انتظار حضرتك في القاعة عشان ميعاد الاجتماع
كارمن بهدوء: تمام انا جاية حالا
أغلقت المكالمة، وقامت من مقعدها، وجمعت الأوراق والأشياء التي تخصها، وأمسكت بها بإحكام في يدها، وغادرت المكتب بخطوات ثابتة.
بعد بضع ساعات من العمل
تقف كارمن داخل غرفة فسيحة مخصصة للتصميم مع فريقها، وكانت الغرفة مميزة جدًا بزخارفها التي تتناسب مع أجواء الفساتين، وكل ما يتعلق بالأزياء والموضة.
التفتت كارمن إلى الفتاة التي تقف خلفها، وبدت وكأنها شاردة، حتى بعد أن أنهى الجميع عملهم وبدأوا في مغادرة الغرفة.
بقيت واقفة في مكانها غير منتبهة لأي شيء ولا تتحرك، تفاجأت كارمن بها وذهبت نحوها، قائلة بسؤال قلق: مالك يا نسمة.. نسمة بكلمك
خرجت نسمة من شرودها قائلة بإحراج، وهي تري أن المكان كان خاليًا من الجميع: انا اسفه في حاجة فاتتني؟؟
عبست ملامح كارمن، وقالت بإستغراب: انتي مش معايا خالص عقلك فينه
خجلت نسمة منها قليلا، وقالت بإبتسامة بسيطة: موجود والله
ضيقت كارمن عينيها عليها، وقالت بفطنة: لا انتي كنتي سرحانه في حاجة شغلاكي
ثم تركت كارمن الأقلام من بين يديها، واقتربت منها واضعة راحة يدها على ظهر نسمة، لتمشي معها دون اعتراض من الاخري، ثم جلسوا على الكنبة بجانب بعضها البعض.
تسائلت كارمن بهدوء: مالك احكيلي
نسمة بإضطراب: مافيش حاجة مهمة
كارمن بإصرار: لا اكيد مهمة عندك طالما مشغول بالك بيها لدرجة دي
ابتسمت نسمة بأدب وقالت بصدق: انا اسفه انا فعلا سرحت شويه غصب عني صدقيني مش قصدي
ربت كارمن براحة يدها علي كتف نسمة بلطف: مش محتاجة تعتذري كتير كدا.. لو مش هتعتبريني بدخل في امورك الشخصية.. هو السرحان دا سببه يوسف مش كدا
حدقت نسمة فيها، لتقول بصد@مة: هو انا واضح عليا للدرجة دي
أومأت كارمن وقالت بهدوء: كان واضح من نظراته المركزة فيكي طول الاجتماع وانتي كمان كنتي متوترة ومسهمة.. كأن الجو مكهرب بينك وبينه هو مضايقك في حاجة
تحول وجهها إلى اللون الأحمر من الحرج الذي تسببت فيه لنفسها، ولم تستطع الإجابة.
عندما تلقت كارمن منها الصمت غيرت صيغة سؤالها، وقالت بإستفهام: انتي بتحبيه يا نسمة؟
أطلقت تنهيدة قصيرة وخفضت جفنيها، وكانت الأفكار تتضارب في عقلها.
تحتاج إلى أن تخبر أحدهم بما يزعجها، لأنها بطبيعتها انطوائية للغاية وتحتفظ بأسرارها في داخلها، لكنها حزينة لدرجة أنها تشعر وكأنها على وشك الاختناق.
لا تعرف سبب ارتياحها لكارمن، فهي تعمل معها منذ أسبوعين فقط، لكن طيبة قلبها ولطفها في المعاملة جعلها تطمئن، وتفتح قلبها لها، لعلها تهدأ قليلًا.
همست نسمة بصوت خجول منخفض: انا ويوسف كنا مخطوبين لبعض
ارتفعت حواجب كارمن بإندهاش عند سماع هذا النبأ: بتكلمي بجد!!
اومأت برأسها قائلة بنبرة هادئة يشوبها الحزن: ايوه.. اتخطبنا 6 شهور وقبلها كنا زمايل واصدقاء هنا بالشركة سنتين من وقت ماجيت اشتغلت في الشركة
عضّت كارمن شفتيها بتردد خوفًا من إزعاجها: تسمحيلي اسألك طيب ايه اللي حصل معاكو
أسدلت نسمة عينيها واستمرت في الحديث بنفس الهدوء: في الاول انا كنت فرحانه اوي لما خطبني هو انسان كويس اوي وابن ناس وطموح جدا في شغله وناجح.. كانت كل الامور تمام وبجهز للجواز..
تنهدت بضيق مردفه: بس هو فجأة اتغيرت طريقته معايا بقي مشغول طول الوقت معندوش دقيقة واحدة يكلمني فيها.. في الاول عذرته وقولت يمكن عنده سبب مهم وضغط الشغل عليه والتزامات الجواز فسيبته لنفسه شويه...
نطقت كارمن تحثها على استكمال حديثها: تمام وبعدين
أخذت نفسا عميقا قبل أن تستأنف كلامها: الوضع دا استمر شهر ونص.. وانا معرفش مالو ولا عارفه اتكلم معه.. ومن 3 شهور كنت جيبالو ورق مهم يمضيه في مكتبه.. كان ممكن ابعته مع السكرتاريه بس قصدت اروحلو انا عشان اتكلم معه
ثم اضافت بتفسير: كان هو في حمام المكتب وقتها.. انا قعدت استناه وكنت محضره كلام كتير اقوله لما يخرج.. كان حاطط تليفونه علي المكتب.. سمعت صوت وصول رسالة ليه وانتي عارفه فضول البنات حبيت اشوف الرسالة عادي مش اكتر.. قومت ووقفت ورا المكتب وانا مترددة وخايفه من رد فعله واول مرة اتصرف بالشكل دا وعلي اخر لحظة كنت خلاص غيرت رأيي وهرجع مكاني.. لكن لمحت اسم رانيا علي الرسالة ففتحتها...
كارمن بتساءل: رانيا مين!!
رمشت نسمة وقالت: بنت بتشتغل هنا في الشركة عارضة ازياء
جاءت في ذهن كارمن صورة تلك الفتاة الفاتنة التي لم تشعر بالراحة إليها منذ الوهلة الأولى: ايوه افتكرتها انا شوفتها مرة قبل كدا.. معلش اني قاطعتك كملي
أضافت نسمة بصوت مخنوق بالعبرات: لما فتحت الرسالة لاقيت محادثة طويلة بينهم وكلها كلام زي حبيبي روحي وبيدلعها وبيهزروا سوا بقالهم فترة كبيرة
ارتفعت حاجبين كارمن بإزدارء وقالت: يعني طول الفترة اللي كان متغير معاكي فيها كانو بيكلمو بعض
نسمة: بالظبط كدا
كارمن: وعملتي ايه؟
كانت نسمة واقفة بجانب المكتب، وعلى وجهها علامات استغراب وصد@مة مما قرأته من كلمات غزل تشير إلى وجود علاقة حب بين خطيبها، وتلك الفتاة المسماة رانيا.
قلبت بأصابعها مرة أخرى في الهاتف، ووجدت تاريخ الرسائل بينهما منذ أشهر، وأنهما يتواصلان بشكل يومي.
تجمعت دموع كثيفة في عينيها لدرجة أن بصرها أصبح مشوش.
هتف يوسف بإستغراب من خلفها: انتي بتعملي ايه هنا يا نسمة ووافقة كدا ليه..